بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً .
أما بعد :
فهذه مجموعة من الخطب كتبتها للفائدة يستفيد منها الخطباء و الوعاظ بل ويستفيد منها غيرهم , وهي تضم مواضيع مختلفة وسميتها " خطب المنبر " وهي تضم ( 52 ) خطبة وهذا الذي كتبناه هو الجزء الأول يتبعه بإذن الله أجزاء أخرى إذا كان لنا في العمر بقية .
و أسأل الله تعالى أن ينفع بها المسلمين عامة والخطباء والوعاظ خاصة .
و قد عملت لها مقدمة حول بعض آداب الخطبة والخطيب , ونسأله تعالى أن يوفقنا لما هو خير لنا في ديننا وأن يختم لنا بحسن الختام .
أخوكم
محمد بن صالح بن دمنان
1 رجب 1427هـ
26 / 7 / 2006م
مقـــــدمة
آداب الخطــبة و الخطـــيب
للخطبة آداب كثيرة نذكر منها :
1) أن تشتمل على الحمد لله و الثناء عليه .
لما ثبت في صحيح مسلم ( 867 )/ 44 من حديث جابر قال :" كان النبي إذا خطب حمد الله وأثنى عليه " .
و عند أبي داود 4840 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" كل أمر لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع " و الأقطع هو الناقص البركة و الخير .
2) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
لأنها تأتي عقب الحمد لله وذكر الله.
3) قراءة شيء من القرآن :
لما رواه مسلم 862 ) من حديث جابر بن سَمُرة قال : " كان للنبي صلى الله عليه وسلمخطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكّر الناس " .
4) الوصية بتقوى الله .
5) الدعاء للمؤمنين .
و هذه الآداب الخمسة التي ذكرناها ينبغي للخطيب أن يأتي بها في خطبته و ذلك لعدة أمور :
الأول :
أن بعض أهل العلم يرون هذه الآداب شروط وأركان لا تصح الخطبة بل الجمعة إلا بها بغض النظر عن صحة هذا القول وقوته أو ضعفه .
فعند الحنابلة :
من شروط صحة الخطبتين : حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلموقراءة آية والوصية بتقوى الله . أنظر الروض المربع 1 / 85 )
و عند الشافعية :
أن أقل ما يقع عليه اسم الخطبة أن يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصي بتقوى الله , هذه الثلاث فرض في الخطبتين جميعاً , ويجب أن يقرأ في الخطبة الأولى آية من القرآن , ويدعو للمؤمنين في الثانية, فلو ترك واحداً من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي رحمه الله . أنظر شرح السنة 4 / 252 و الأم( 1 / 230 ) .
و قال الإمام النووي في المجموع 4 / 392 "ذكرنا أن أركانها عندنا خمسة و به قال أحمد " .
الثاني :
أن الآداب المذكورة إذا لم تكن شروطاً فهي كمال في الخطبة .
قال ابن القيم في زاد المعاد 1 / 189 " و لم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله و يتشهد فيها بكلمتي الشهادة , و يذكر فيها نفسه بإسمه العلم , وثبت عنه أنه قال : كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجَذْماء".اهـ.
و هذا الحديث الذي قال عنه ابن القيم إنه ثابت رواه الترمذي ( 1107 ) و أبوداود ( 4841 ) وحسنه الترمذي 3 / 414 و قال شعيب وعبد القادر الأرناؤوط : سنده قوي زاد المعاد 1 / (189).
الثالث :
أن الخطيب لو ترك هذه الآداب لوقع الناس في حرج و لربما خرجوا و قالوا " خطبة ميتة ". و لهذا من باب مراعاة الناس ينبغي للخطيب أن يأتي بها.
فإن قيل : و هل في الدين شيء اسمه مراعاة الناس ؟
الجواب :
فيه تفصيل : إن راعاهم في أمر محرم فلا يجوز , و إن راعاهم في أمر ليس بمحرم فهذا محمود و قد جاءت بمثله الشريعة فقد راعى النبي صلى الله عليه وسلمقومه في بناء الكعبة فترك بناءها على قواعد إبراهيم.
6) و من الآداب : سلام الخطيب من على المنبر على الجالسين :
عن جابر قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلَّم ". رواه البيهقي 3 / 204 – 205 والحديث قال النووي في المجموع 4 / 397 : إسناده ليس بقوي ". لكن الحديث قواه الألباني كما في تمام المنة ص 332 – 333. و قال :" و لا سيما قد جرى عمل الخلفاء عليه " .
7) استقبال الخطيب الناس و لا يلتفت :
عن ابن مسعود :"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا " رواه الترمذي ( 508 ) وقال : العمل على هذا. 2 / 383. و قال الحافظ في بلوغ المرام : و له شاهد من حديث البراء عند
ابن خزيمة . سبل السلام ( 2/ 124 ) و صححه الألباني ص 333.
قال النووي في المجموع 4 / 399 يسن أن يقبل الخطيب على القوم في جميع خطبتيه و لا يلتفت في شيء منهما".اهـ. لأنه لماذا يلتفت و الناس ينبغي لهم أن يلتفتوا إليه.
و في صحيح البخاري ( 921 ) من حديث أبي سعيد الخدري أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلس يوماً على المنبر وجلسنا حوله".
قال ابن عثيمين الشرح الممتع ( 5 / 85) "ليس من السنة أن يلتفت يميناً وشمالاً و ليس من السنة أن يحرك يديه".
و من الآداب قصر الخطبة :
و ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن طول صلاة الرجل و قصر خطبته مئنة من فقه ". أخرجه مسلم (869). قال النووي في المجموع 4 / 400 : يستحب تقصير الخطبة .
و في تقصير الخطبة فوائد منها :
1) عدم حصول الملل .
2) أن الخطبة إذا قصرت أمكن وعيها و حفظها بخلاف ما إذا طالت فإنه يضيّع آخرها أوَّلَها .
9) الإعتماد على عصا أو نحوه :
لحديث الحكم بن حزن و فيه: " شهدنا مع النبي الجمعة فقام متوكئاً على عصا أو قوس ". رواه أبو داود ( 1096) و قال النووي في المجموع 4 / 397 : حديث حسن و قال الحافظ في التلخيص 2 / 65 : إسناده حسن .
و قال ابن القيم في زاد المعاد 1 / 189 : و كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها و هو على المنبر. وقال النووي في المجموع 4 / 399 : يسن أن يعتمد على قوس أو سيف أو عصا أو نحوها .